Dark Mode Light Mode
📖 تصدعات القارئ النموذجي: حين تصبح الثقافة أداة إقصاء
🎨 الفلسفة الإبداعية في العمل: كيف توازن بين الشغف والواقع؟

📖 تصدعات القارئ النموذجي: حين تصبح الثقافة أداة إقصاء

هل سبق أن التقيت بقارئ يرى نفسه وصيًّا على الذوق العام؟
يقرأ كل شيء لكن لا يعجبه شيء؟ ينتقي الكلمات كما تُنتقى الجواهر، ويهاجم أي إنتاج أدبي لا يرتقي إلى “مدينته الفاضلة للكتب”؟

هذا هو “القارئ النموذجي” كما يعتقد هو، لا يرضى إلا بالأصالة، ويحكم على النصوص من برج عاجي، لا تسكنه إلا الكتب العلمية الصلبة، ولا تعجبه الروايات ولا أساليب السرد الإنسانية.

لكن الحقيقة؟ الأمر أعقد من ذلك بكثير…


🎯 المشكلة ليست في الذوق… بل في الادعاء

القراءة ليست مسابقة للنخبوية، ولا اختبارًا للذكاء المجرد.
تكمن المشكلة حين يتحول حب القراءة إلى سلاح نقدي ضد كل ما هو بسيط أو مختلف.

🔹 رفض الروايات؟
لأنها بنظره لا تليق بالحرم المعرفي المقدس.

🔹 الهجوم على اللغة البسيطة؟
لأنها “تُدنّس” الذائقة.

ولكن… هل هذا الإنغلاق حقيقي؟ أم قناع آخر من أقنعة الثقافة المزيفة؟


📚 الرواية ليست ترفًا… بل أداة فهم عميق

الرواية ليست أداة ترفيه فحسب، بل نافذة لفهم النفس والمجتمع والتاريخ.
لنأخذ أمثلة:

🔸 رواية 1984 – جورج أورويل

ليست خيالًا فحسب، بل توثيقٌ روائيّ لواقع مرير. نقل فيه أورويل مرارة الاستبداد السياسي في حبكة تعكس تكرار التاريخ.

🔸 المسخ – كافكا

تحوّل بطل الرواية لشيء ليس مجرد حدث عجيب، بل تشريح نفسي لحالات الرفض الاجتماعي والاغتراب الوجودي.

🔸 حفلة التيس – ماريو فارغاس يوسا

تجربة تاريخية وسياسية وإنسانية تنقل صوت المقهورين، وتعيد رواية الحدث من أعين من لم تسعهم كتب التاريخ الرسمية.


🧠 الأدب هو التاريخ الحقيقي للإنسان

كم مرة قرأنا كتب التاريخ ولم نفهم شعور الناس في الحروب؟
كم مرة سمعنا عن مجاعة، قمع، ثورة… دون أن نُدرك الألم خلفها؟

🔹 الرواية تُعيد الإنسانية لما غاب من دفاتر الأرقام.
🔹 الشعر ينقلنا لعصور كاملة بأسطر قليلة.
🔹 الحكايات تحلل سلوكيات لا تُشرحها العلوم.

الأدب هو التاريخ الذي لا يُزيَّف.
هو مرآة الإنسان كما هو، وليس كما يُراد له أن يظهر.


🕊️ حرية القراءة… هي أساس الفكر

القراءة ليست سباقًا للنقد.
بل وسيلة لصناعة الفكر النقدي، لفهم الآخر، لقبول الاختلاف، ثم النقاش لا القطيعة.

🔹 اقرأ لتفهم، لا لتهاجم.
🔹 ناقش لتحلل، لا لتقصي.
🔹 اختلف لنصل معًا إلى معرفة أعمق.


✨ الختام: لنكن قراءً حقيقيين

أن تكون قارئًا جيدًا لا يعني أن تكون ناقدًا متجهمًا لكل ما لا يُشبه ذوقك.
القارئ النموذجي الحقيقي هو من يفتح قلبه قبل عينيه،
ويتسع فكره لكل شكل من أشكال التعبير.

“حرية القراءة تصنع الإنسان الحر فكريًا… لا الإنسان المتعالي لغويًا.”


✍️ بقلم: جمانة هزاع

Add a comment Add a comment

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Next Post

🎨 الفلسفة الإبداعية في العمل: كيف توازن بين الشغف والواقع؟